فصل: التلبية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.التلبية:

.1- حكمها:

أجمع العلماء على: أن التلبية مشروعة.
فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا آل محمد، من حج منكم فليهل في حجه» أو «حجته» رواه أحمد، وابن حبان.
وقد اختلفوا في حكمها، وفي وقتها، وفي حكم من أخرها.
فذهب الشافعي، وأحمد: إلى أنها سنة، وأنه يستحب اتصالها بالاحرام.
فلو نوى النسك ولم يلب، صح نسكه، دون أن يلزمه شيء لأن الاحرام عندهما ينعقد بمجرد النية.
ويرى الأحناف: أن التلبية، أو ما يقوم مقامها - مما هو في معناها كالتسبيح، وسوق الهدي - شرط من شروط الاحرام، فلو أحرم، ولم يلب أو لم يسبح، أو لم يسق الهدي فلا إحرام له.
وهذا مبني: على أن الاحرام عندهم مركب من النية وعمل من أعمال الحج.
فإذا نوى الاحرام وعمل عملا من أعمال النسك، فسبح، أو هلل، أو ساق الهدي ولم يلب، فإن إحرامه ينعقد، ويلزمه بترك التلبية دم.
ومشهور مذهب مالك: انها واجبة، يلزم يتركها أو ترك اتصالها بالاحرام مع الطول دم.
لفظها: روى مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد لك والنعمة لك والملك، لا شريك لك».
قال نافع: وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يزيد فيها «لبيك، لبيك، لبيك وسعديك والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك، والعمل»، وقد استحب العلماء الاقتصار على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلفوا في الزيادة عليها.
فذهب الجمهور: إلى أنه لا بأس بالزيادة عليها، كما زاد ابن عمروكما زاد الصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع ولا يقول لهم شيئا، رواه أبو داود، والبيهقي.
وكره مالك، وأبو يوسف: الزيادة على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

.2- فضلها:

1- روى ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مامن محرم يضحي يومه يلبي حتى تغيب الشمس، إلا غابت ذنوبه فعاد كما ولدته أمه».
2- وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «منا أهل مهل قط، إلا بشر، ولاكبر مكبر قط إلا بشر».
قيل: يا نبي الله: بالجنة؟ قال: «نعم» رواه الطبراني، وسعد بن منصور.
3- وعن سهل بن سعد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يلبي إلا لبي من عن يمينه وشماله، من حجر، أو شجر، أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا» رواه ابن ماجه، والبيهقي، والترمذي والحاكم، وصححه.

.استحباب الجهر بها:

1- عن زيد بن خالد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جاءني جبريل عليه السلام فقال: مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية، فإنها من شعائر الحج» رواه ابن ماجه، وأحمد، وابن خزيمة، والحاكم، وقال: صحيح الاسناد.
2- وعن أبي بكر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الحج أفضل؟ فقال: «العح والثج» رواه الترمذي، وابن ماجه.
3- وعن أبي حازم قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحرموا، لم يبلغوا الروحاء حتى تبح أصواتهم.
وقد استحب الجمهور رفع الصوت بالتلبية، لهذه الأحاديث: وقال مالك: لا يرفع الملبي الصوت في مسجد الجماعات بل يسمع نفسه ومن يليه، إلا في مسجد منى والمسجد الحرام، فإنه يرفع صوته فيهما.
وهذا بالنسبة للرجال: أما المرأة فتسمع نفسها ومن يليها، ويكره لها أن ترفع صوتها أكثر من ذلك.
وقال عطاء: يرفع الرجال أصواتهم.
وأما المرأة فتسمع نفسها، ولا ترفع صوتها.
المواطن التي تستحب التلبية فيها: تستحب التلبية في مواطن: عند الركوب، أو النزول، وكلما علا شرفا أو هبط واديا، أو لفي ركبا، وفي دبر كل صلاة، وبالاسحار.
قال الشافعي: ونحن نستحبها على كل حال.
وقتها: يبدأ المحرم بالتلبية من وقت الاحرام، إلى رمي جمرة العقبة يوم النحر، باول حصاة ثم يقطعها.
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة. رواه الجماعة.
وهذا مذهب الثوري، والأحناف، والشافعي وجمهور العلماء.
وقال أحمد، وإسحاق: يلبي حتى يرمي الجمرات جميعها، ثم يقطعها.
وقال مالك: يلبي حتى تزول الشمس من يوم عرفة ثم يقطعها هذا بالنسبة للحج وأما المعتمر فيلبي حتى يستلم الحجر الاسود.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم.
استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء بعدها: عن القاسم بن محمد بن أبي بكر، قال: يستحب للرجل - إذا فرغ من تلبينه - أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من تلبيته سأل الله مغفرته ورضوانه، واستعقه من الناس رواه الطبراني وغيره.

.ما يباح للمحرم:

.1- الاغتسال وتغيير الرداء والازار:

فعن إبراهيم النخعي قال: كان أصحابنا إذا أتوا بئرا ميمون اغتسلوا، ولبسوا أحسن ثيابهم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه دخل حمام الجحفة وهو محرم.
قيل له: أتدخل الحمام وأنت محرم؟ فقال: إن الله ما يعبأ بأوساخنا شيئا.
وعن جابر رضي الله عنه قال: يغتسل المحرم، ويغسل ثوبه.
وعن عبد الله بن حنين: أن ابن عباس، والمسور بن مخرمة اختلفا بالابواء فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه.
وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه، قال: فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الانصاري، فوجدته يغتسل بين القرنين، وهو يستر بثوب، فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين.
أرسلني اليك ابن عباس يسألك: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل، وهو محرم؟ قال: فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال: الإنسان يصب عليه الماء: أصبب، فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيده، فأقبل بهما، وأدبر فقال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل رواه الجماعة، إلا الترمذي.
وزاد البخاري في رواية: فرجعت اليهما فأخبرتهما، فقال المسور لابن عباس: لا أماريك أبدا.
قال الشوكاني: والحديث يدل على جواز الاغتسال للمحرم، وتغطية الرأس باليد حاله - أي حال الاغتسال.
قال ابن المنذر: أجمعوا: على أن للمحرم أن يغتسل من الجنابة، واختلفوا فيما عدا ذلك.
وروى مالك في الموطأ عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان لا يغسل رأسه وهو محرم، إلا من الاحتلام.
وروي عن مالك: أنه كره للمحرم أن يغطي رأسه في الماء.
ويجوز استعمال الصابون وغيره من كل ما يزيل الاوساخ، كالاشنان والسدر والخطمي.
وعند الشافعية والحنابلة، يجوز أن يغتسل بصابون له رائحة، وكذلك يجوز نقض الشعر وامتشاطه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة فقال: «انقضي رأسك وامتشطي» رواه مسلم.
قال النووي: نقض الشعر والامتشاط جائزان عندنا في الاحرام بحيث لا ينتف شعرا، ولكن يكره الامتشاط إلا لعذر، ولا بأس بحمل متاعه على رأسه.

.2- لبس التبان:

وروى البخاري، وسعيد بن منصور عن عائشة: أنها كانت لا ترى بالتبان بأسا.

.3- للمحرم تغطية وجهه:

روى الشافعي، وسعيد بن منصور، عن القاسم، قال: كان عثمان بن عفان، وزيد بن ثابت، ومروان بن الحكم يخمرون وجوههم وهم محرمون.
وعن طاوس: يغطي المحرم وجهه من غبار، أو رماد.
وعن مجاهد قال: كانوا إذا هاجت الريح غطوا وجوههم، وهم محرمون.

.4- لبس الخفين للمرأة:

لما رواه أبو داود، والشافعي عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان رخص للنساء في الخفين.

.5- تغطية رأسه ناسيا:

قالت الشافعية: لا شيء على من غطى رأسه ناسيا، أو لبس قميصه ناسيا.
وقال عطاء: لاشئ عليه، ويستغفر الله تعالى.
وقالت الأحناف: عليه الفدية.
وكذلك الخلاف فيما إذا تطيب ناسيا، أو جاهلا.
وقاعدة الشافعية: أن الجهل والنسيان، عذر يمنع وجوب الفدية في كل محظور، ما لم يكن إتلافا كالصيد، وكذلك الحق والقلم، على الاصح عندهم.
وسيأتي ذلك في موضعه.

.6- الحجامة وفقء الدمل:

ونزع الضرس، وقطع العرق: قد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم وسط رأسه وقال مالك: لا بأس للمحرم أن يفقأ الدمل، ويربط الجرح، ويقطع العرق إذا احتاج.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: المحرم ينزع ضرسه، ويفقأ القرحة.
قال النووي: إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة، فإن تضمنت قطع شعر فهي حرام، لقطع الشعر، وإن لم تتضمنه جازت عند الجمهور، وكرهها مالك.
وعن الحسن: فيها الفدية، وإن لم يقطع شعرا.
وإن كان لضرورة جاز قطع الشعر وتجب الفدية.
وخص أهل الظاهر الفدية بشعر الرأس.

.7- حك الرأس والجسد:

فعن عائشة رضي الله عنها: أنها سئلت عن المحرم يحك جسده؟ قالت: نعم، فليحككه وليشدد رواه البخاري، ومسلم، ومالك.
وزاد: ولو ربطت يداي ولم أجد إلا رجلي لحككت.
وروي مثل ذلك عن ابن عباس، وجابر وسعيد بن جبير، وعطاء، وإبراهيم النخعي.

.8، 9- النظر في المرآة وشم الريحان:

روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: المحرم يشم الريحان وينظر في المرآة، ويتداوى بأكل الزيت والسمن.
وعن عمربن عبد العزيز: أنه كان ينظر فيها وهو محرم، ويتسوك وهو محرم.
وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن للمحرم أن يأكل الزيت والشحم والسمن، وعلى أن المحرم ممنوع من استعمال الطيب في جميع بدنه.
وكره الأحناف والمالكية المكث في مكان فيه روائح عطرية، سواء أقصد شمها أم لم يقصد.
وعند الحنابلة والشافعية: إن قصد حرم عليه، وإلا فلا.
وقال الشافعية: ويجوز أن يجلس عند العطار في موضع يبخر، لأن في المنع من ذلك مشقة، ولان ذلك ليس بطيب مقصود.
والمستحب أن يتوقى ذلك إلا أن يكون في موضع قربة، كالجلوس عند الكعبة وهي تجمر، فلا يكره ذلك، لأن الجلوس عندها قربة، فلا يستحب تركها لامر مباح.
وله أن يحمل الطيب في خرقة أو قارورة ولا فدية عليه.

.10، 11- شد الهميان في وسط المحرم:

ليحفظ فيه نقوده ونقود غيره ولبس الخاتم.
قال ابن عباس: لا بأس بالهميان، والخاتم، للمحرم.

.12- الاكتحال:

قال ابن عباس رضي الله عنهما: يكتحل المحرم بأي كحل إذا رمد، ما لم يكتحل بطيب، ومن غير رمد.
وأجمع العلماء على جوازه للتداوي لاللزينة.

.13- تظلل المحرم بمظلة أو خيمة أو سقف ونحو ذلك:

قال عبد الله بن عامر: خرجت مع عمر رضي الله عنه فكان يطرح النطع على الشجرة، فيستظل به وهو محرم، أخرجه ابن أبي شيبة.
وعن أم الحصين رضي الله عنها قالت: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فرأيت أسامة بن زيد، وبلالا، وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، والاخر رافع ثوبه يستره من الحر، حتى رمى جمرة العقبة أخرجه أحمد، ومسلم.
وقال عطاء: يستظل المحرم من الشمس، ويستكن من الريح والمطر.
وعن ابراهيم النخعي: أن الاسود بن يزيد، طرح على رأسه كساء يستكن، به من المطر، وهو محرم.